top of page
صورة الكاتبwarda1983m

قاتلوا معنا| مقدمة موجزة عن الجيش الأحمر الياباني وخطاب أوكودايرا الأخير

تاريخ التحديث: ١ يونيو ٢٠٢١

تُرجِم نص الخطاب عن اللغة اليابانية، للاطلاع على الأصل: اضغط هنا


في الثلاثين من مايو/أيار ١٩٧٢ وفي تمام الساعة السادسة مساءً بتوقيت القدس، كان الصوت اﻷعلى في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام ١٩٤٨ آتيًا من مطار اللد الذي انطلقت فيه رصاصات ٣ بنادق آلية يحملها ٣ يابانيون وصلوا إلى فلسطين عن طريق روما (على متن طائرة الخطوط الجوية الفرنسية المنطلقة من باريس إلى اللد مرورًا بروما) يقودهم الشهيد أوكودايرا تسويوشي (اسمه العربي باسم) ليكون ذلك إعلانًا عن انطلاق منظمة يابانية تعمل في إطار أممي متضامنة مع الثورة الفلسطينية عبر ارتباطها بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وكان المقاتلون الثلاثة:


(1) الشهيد أوكودايرا تسويوشي (باسم). (٢) الشهيد ياسودا ياسويوكي (صلاح). (٣) أوكاموتو كوزو (الناجي الوحيد وقد وقع أسيرًا في يد العدو الصهيوني إلى أن أُفرِج عنه في عملية تبادل أسرى بين الجبهة الشعبية القيادة العامة والعدو الصهيوني في عام ١٩٨٥ في العملية المعروفة بـ’’اتفاقية جبريل‘‘).

ياسودا وأُكودايرا

أَسفرت عملية مطار اللد والتي كان هدفها الاساسي اغتيال آرون كاتساف عالم السلاح البيولوجي الاول في الجيش الصهيوني عن مقتل ٢٦ وإصابة ٧٣ آخرين برصاص الرشاشات الثلاثة وتبادل إطلاق النار مع أمن مطار العدو (الواقع وسط مربع قاعدة عسكرية صهيونية وانتهت العملية بانتحار ياسودا وأوكودايرا بقنابل يدوية مخصصة للانتحار بعد إنتهاء العملية خافين بذلك بصماتهم وأسنانهم ليمحوا أثر هويتهم بالكامل في عصر لم يكن فيه علم الجينات قد وصل إلى ما وصل إليه حاليًا.


والحديث عن تشكل هذه المنظمة كمقدمة لعرض رسالة أوكودايرا الأخيرة إلى أسرته يتطلب منا أولًا أن نقف على حال حركة "اليسار الجديد" في اليابان آنذاك.


جاءت البدايات الأولى "لليسار الجديد" في اليابان في أواخر الخمسينيات كجزء من رد الفعل على المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفييتي، إلا أن الانطلاقة الكبرى جاءت في عام ١٩٦٨ بمظاهرات الطلاب وانضمام العمال إليهم في الحراك المعارِض للاتفاقية الأمنية بين اليابان والولايات المتحدة وبقاء القواعد الأمريكية في البلد ومساعدة اليابان اللوجيستية والعسكرية للولايات المتحدة في عدوانها على فيتنام، من جهةٍ أخرى، ساهم ظهور تنظيمات وجماعات متعددة انتمت لتيارات عدة في الحركة الشيوعية انفصلت عن عصبة الشيوعيين اليابانية في الدفع باليسار الجديد قُدُمًا. ومن بين تلك التنظيمات والجماعات كانت جماعة عُرِفَت باسم فصيل الجيش الاحمر، تأسس في عام ١٩٦٩ بعدما أكدت الظروف في اليابان لليساريين ضرورة اِتباع "العنف المنظم" في مواجهة القمع الحكومي الذي قوبلوا به.

غير أن فشل الانتفاضة مع نهاية عام ١٩٦٩ وإقرار الاتفاقية الأمنية بين اليابان والولايات المتحدة، أدت لمزيد من الضغط على حركة اليسار الجديد في اليابان فكان الحل استكمال مهام الثورة من الخارج في وقت كان فيه فصيل الجيش الاحمر مؤمنًا بالعمل الأممي المشترك.



واصفةً العملية بأنّها نضالٌ ضد الامبريالية || غلاف جريدة اليسار الجديد اليابانية | عدد15 يونيو 1972|| الجريدة ما زالت تصدر إلى اليوم باسم "الشعب"


فكانت البداية بعملية أشبه بعمليات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في خطف الطائرات للفت أنظار العالم إلى أمر القضية والثورة، حيث قام أعضاءٌ من الفصيل، والذي ضم الأخ الأكبر لكوزو أوكاموتو باختطاف طائرةٍ تابعة للخطوط الجوية اليابانية من مطار فوكوكا إلى كوريا الديمقراطية (الشمالية)، بينما قرر أعضاء آخرون التوجه إلى الصين.


على العكس من ذلك، كان للمناضلة شيجنوبو فوساكو رأيٌ آخر، وهي كانت ترأس فرع العلاقات الثورية الأممية، إذْ رأت أنَّه من الضروري التوجه إلى الخارج من أجل إيجاد قنوات تعاون بين ثوار العالم لتمكين الثورة العالمية والأممية (world Revolution and internationalism)، لكنها وجدت أنَّه من غير المنطقي أن تتجه إلى دولة استقرت الأمور فيها للثورة، بل على العكس من ذلك رأت من الأفضل أن يكون التوجه نحو بلد لم تكتمل فيه الثورة.

العملية في سياق التَّشكُّل التاريخي للجيش الأحمر

وابتعاداً عما آلت إليه فصيلها من عمليات داخلية لم تؤيدها، واعتقالات لقياداتها قررت الذهاب إلى كيوتو للتواصل مع أعضاء الفصيل هناك حيث تعرفت من خلالهم على حركة بارتيزان كيوتو (وهم أفراد في حركة ثورية متطوعة لتعليم العمال). والتقت بأحد أعضاء المجموعة وهو أوكودايرا تسويوشي ليتفقا على الذهاب إلى المخيمات الفلسطينية بنية التطوع والتعاون مع الثوار الفلسطينيين والتطوع لمساعدة سكان المخيمات. ولعل هذا التوجه كان من نتاج لقائها بشخص Arabist (مناصر للقضية العربية) خلال وجودها في كيوتو.


في لبنان التقت شيجنوبو وأوكودايرا بمناضلي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وبدأ الارتباط بينهما وبين الجبهة كجزء من النضال الأممي الموحد ضد الإمبريالية.


وفور وصولها إلى لبنان شباط/فبراير عام ١٩٧١ التحقت بمكتب الهدف الذي كان يشرف على أعماله الإعلامية المناضل غسان كنفاني، و بدأتْ بمراسلاتٍ مع مؤيديها وأصدقائها في اليابان تنادي للمجيء وللتضامن مع الفلسطينيين، و بدأت بذلك موجة التطوع الياباني في شتى المجالات من الطبيِ و العسكري والفني والإعلامي و الثقافي. وقام العديد من الأطباء والممرضات اليابانيين بفتح عيادات دائمة لعلاج فلسطينيي المخيمات.


في عام 1971، وصل أيضًا المخرجين الياباني كوجي واكاماتسو و مساو أداتشي إلى بيروت بهدف توثيق الوضع الفلسطيني والمخيمات، فطلبا من فوساكو أخذ الإذن للتصوير معها فذهبت معهما إلى مخيم جرش في الأردن وقاما بتصوير فيلمهم ’’بيان القتال العالمي: الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجيش الأحمر‘‘. و كان لعرض هذا الفيلم كبير الأثر في التوعية بعدالة الثورة الفلسطينية في اليابان، كما جذب بعض العناصر الثورية اليابانية إلى القتال تضامنًا مع فلسطين، كان من بينهم كوزو أوكاموتو حيث توجه إلى لبنان للمشاركة في تطوع العسكري مع الجبهة.


ونظرًا لأن المجموعة اليابانية كانت في عداد المتطوعين الأمميين العاملين بالتعاون مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، كان من الطبيعي أن يكون هناك تعاون عسكري مع فرع "العمل الخارجي" للجبهة بقيادة وديع حداد (أبو هاني)، وعلى هذا الأساس كان التخطيط لعملية مطار اللد مهمة الشهيد وديع حداد بالتحديد. وهدف العملية كان العالِم الأول في السلاح البيولوجي في جيش العدو، آرون كاتساف. وسقط قتلى من المستوطنين نتيجة تبادل النّار بين المُنفّذين وأمن المطار، كما رفضت الحكومة الصهيونية آنذاك القيام بتحرٍّ دولي في الرصاص الذي ساهَمَ في قتل الموتى الذين كان من بينهم أجانب أيضًا.

وكاماتسو مع أبو علي مصطفى

وقبل يومٍ من تنفيذ العملية، قام أوكودايرا تسويوشي (الذي تم اختياره كقائد للمجموعة) بكتابة رسالة أخيرة لأهله وهي التي ننشر ترجمتها هنا. كما أنَّ أسرة تسويوشي قامت في العام ١٩٧٨ بنشر كتاباته الخاصة في كتاب ومن ضمن ما نُشِر كانت رسالته اﻷخيرة هذه.


وتجدرُ الإشارة إلى أنّ اسم "الجيش الأحمر الياباني" هو الاسم الذي عُرف في الوطن العربي بعد عملية اللد مباشرة ولكن اليابانيين أنفسهم لم يتعارفوا به حتى العام ١٩٧٤، أي بعد عامين من العملية بمناسبة إنشاء تنظيمي حقيقي واختيار اليابانيين الراغبين في أن يكونو جزءًا فيه. وكان لإعلام العدو دور في إطلاق هذه التسمية عند تسريبه أقوال كوزو أوكاموتو (الناجي الوحيد من عملية اللد) في التحقيقات التي خضع لها، حيث كان يذكر اسم "فصيل الجيش الاحمر" فوصفوا هذا الفصيل في الإعلام بالياباني.


(كانت هذه مقدمة المترجِم التعريفية)

___________________________


لم نتواصل منذ زمن طويل.

أكتب لكما من روما حاليًا.

ربما سيكون هذا خطابي الأخير.

حين غادرت البلاد قررت ألا أعود حيًا، والغريب أنني ما زلت حيًا. بل والتقيت بكثيرين وخَبِرتُ الكثير، وأيضًا، ما زلت أود شكركما بشدة على كل ما قدمتموه لي لكن لا أدري كيف؟

سامحاني إن لم يكن لدي وقت لأكتب لكما، ولكن ما أن يتاحَ لي الأمر فهذا أول ما سأفكر في القيام به.

نحن المقاتلين موتنا المفاجئ أمر طبيعي وجزء من حياتنا اليومية، ولكن حزنكما علي هو أكثر ما يفطر قلبي.

في فيتنام هناك الآلاف من المقاتلين الشبان ممن يموتون، وهنا، وفي كل العالم، هناك مقاتلون شبان يموتون من أجل الثورة، ونحن أيضًا أحد هؤلاء، أنتم ايضًا ستكونون من بين الآلاف وعشرات الآلاف من الآباء والأمهات الذين يبكون، ولكن أرجو ألا تنسوا ما دفعنا دماءنا ثمنًا له.

سماء روما مشرقة، و هواؤها عليل، والمدينة مضيئة.

تذكرتُ أنني في مدينة بلوتارخ الذي قرأت عنه في مراهقتي فأشعلني بالحماس.

إذا أنهيت عملي فسأعود لأراكما.

وداعًا.

سأحمل معي التميمة وصورة أخي الأكبر المتوفي.

تسويوشي ٢٩ مايو ١٩٧٢ .

(انتهى نص الخطاب)

______________________________


كوزو أثناء التحقيق

ختامًا، تحلُّ الذكرى السّابعة والأربعون لعملية مطار اللد البطولية في وقتٍ يشهد إرهاصات انتفاضة فلسطينية ثالثة، ليذكرنا بماهية ما يجب أن يكون عليه التضامن الأممي (الارتباط الثوري الأممي إذا ما أردنا الدقة) مع الثورة الفلسطينية والصراع العربي الصهيوني برمته، فلا مجال في الواقع لما يدعو إليه اليمين العربي من تضامن عالمي ملتزم بالإطار السلمي لحل الصراع العربي الصهيوني على الشكل الذي أقرته الأمم المتحدة من تقسيم فلسطين والتجاور بين أصحاب الأرض وبين الصهاينة أدوات الإستعمار.

كما تدل على أن مسألة الانحياز لفلسطين ليست عملية تضامن وانحياز ديني إسلامي أو قومي عربي كما يصورها طرف آخر من القوى اليمينية. بل على العكس، ما تحتاجه الثورة الفلسطينية فعلًا هو التضامن الأممي الثوري والذي هو ارتباط بين قوى الثورة العالمية والثورة الفلسطينية نظرًا لارتباط الثورة الفلسطينية بعملية النضال الأممي ضد الإستعمار والرأسمالية.


عاش التضامن الأممي.

عاشت الثورة الفلسطينية.

عاشت ذكرى عملية مطار اللد.

عاشت ذكرى شهداء عملية مطار اللد.

­

تحيا الماركسية اللينينة.


في نهاية المقال، نتوجه بالشكر والعرفان إلى الأستاذة مي شيجنوبو على ما قدمته من مساعدة ومواد كانت جزءًا من مصادر كتابتنا للجزء التعريفي بالجيش الأحمر الياباني.





Kommentare


bottom of page